فصل: (الْبَابُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.(الْبَابُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ فِي الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْمُزَارَعِ):

يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ الِاخْتِلَافَ الْوَاقِعَ بَيْنَ الْمُزَارَعِ وَبَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَخْتَلِفَا فِي جَوَازِ الْمُزَارَعَةِ وَفَسَادِهَا، وَدَعْوَى الْجَوَازِ أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُهُمَا شَرْطَ النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُوجِبُ قَطْعَ الشَّرِكَةِ فِي الْخَارِجِ، وَدَعْوَى الْفَسَادِ أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُهُمَا شَرْطًا يُوجِبُ قَطْعَ الشَّرِكَةِ وَذَلِكَ عَلَى وُجُوهٍ: أَحَدُهَا أَنْ يَدَّعِيَ اشْتِرَاطَ أَقْفِزَةٍ مَعْلُومَةٍ، وَالثَّانِي أَنْ يَدَّعِيَ اشْتِرَاطَ النِّصْفِ وَزِيَادَةَ عَشْرَةٍ وَالثَّالِثُ أَنْ يَدَّعِيَ اشْتِرَاطَ النِّصْفِ إلَّا عَشَرَةً، فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا اشْتِرَاطَ النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ وَادَّعَى الْآخَرُ اشْتِرَاطَ أَقْفِزَةٍ مَعْلُومَةٍ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارَعِ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الِاخْتِلَافُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الْفَسَادَ سَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعِي لِلْفَسَادِ صَاحِبَ الْأَرْضِ أَوْ صَاحِبَ الْبَذْرِ وَلَا يَتَحَالَفَانِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا قَبْلَ الزِّرَاعَةِ إنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةَ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي الْجَوَازَ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الِاخْتِلَافُ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْبَذْرِ سَوَاءٌ كَانَ يَدَّعِي الْجَوَازَ أَوْ الْفَسَادَ وَسَوَاءٌ أَخْرَجَتْ الْأَرْضَ شَيْئًا أَوْ لَمْ تُخْرِجْ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي الْجَوَازَ.
الْوَجْهُ الثَّانِي إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ رَبُّ الْأَرْضِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْمُزَارَعِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَمَا عَرَفْتَ مِنْ الْأَحْكَامِ فِي جَانِبِ الْمُزَارَعِ ثَمَّةَ فَهُوَ كَذَلِكَ فِي جَانِبِ رَبِّ الْأَرْضِ فِي هَذَا الْوَجْهِ، هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا شَرْطَ النِّصْفِ وَادَّعَى الْآخَرُ أَقْفِزَةً مَعْلُومَةً، وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا شَرْطَ النِّصْفِ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ شَرَطَ النِّصْفَ وَزِيَادَةَ عَشَرَةٍ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ.
إنْ كَانَ الْمُدَّعِي لِزِيَادَةِ الْأَقْفِزَةِ عَلَى النِّصْفِ صَاحِبَ الْبَذْرِ وَهُوَ رَبُّ الْأَرْضِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُزَارِعِ الَّذِي يَدَّعِي النِّصْفَ سَوَاءٌ وَقَعَ هَذَا الِاخْتِلَافُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ أَوْ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي زِيَادَةَ الْعَشَرَةِ الْأَقْفِزَةِ.
وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي لِزِيَادَةِ الْعَشَرَةِ الْأَقْفِزَةِ مَنْ لَا بَذْرَ مِنْ جِهَتِهِ وَهُوَ الْمُزَارَعُ إنْ اخْتَلَفَا قَبْلَ الزِّرَاعَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْجَوَازِ وَهُوَ صَاحِبُ الْبَذْرِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الزِّرَاعَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ لَا بَذْرَ مِنْ جِهَتِهِ وَهُوَ الْمُزَارَعُ.
فَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ أَنْ يُثْبِتُ زِيَادَةَ الْعَشَرَةِ الْأَقْفِزَةِ، هَذَا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ فَإِنَّ الْمُزَارَعَ فِي هَذَا الْوَجْهِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ رَبِّ الْأَرْضِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، فَمَا عَرَفْتَ مِنْ الْأَحْكَامِ فِي حَقِّ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَهُوَ مِثْلُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ، هَذَا إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا شَرْطَ النِّصْفِ وَادَّعَى الْآخَرُ شَرْطَ النِّصْفِ وَزِيَادَةَ عَشَرَةِ أَقْفِزَةٍ، وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا شَرْطَ النِّصْفِ إلَّا عَشَرَةً فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ، فَإِنْ أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ شَيْئًا وَالْمُدَّعِي لِشَرْطِ النِّصْفِ مَنْ لَا بَذْرَ مِنْ جِهَتِهِ وَهُوَ الْمُزَارِعُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْأَرْضِ.
وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُزَارِعِ، فَأَمَّا إذَا لَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْبَذْرِ وَهُوَ رَبُّ الْأَرْضِ أَيْضًا، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْبَذْرِ أَيْضًا، هَذَا إذَا اخْتَلَفَا بَعْدَ الزِّرَاعَةِ فَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا قَبْلَ الزِّرَاعَةِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا: أَمَّا إنْ كَانَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ صَاحِبَ الْبَذْرِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْبَذْرِ.
وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ الْمُزَارِعَ فَالْقَوْلُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُزَارِعِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ إذَا اخْتَلَفَا فِي جَوَازِ الْعَقْدِ وَفَسَادِهِ، وَأَمَّا إذَا اتَّفَقَا عَلَى جَوَازِ الْعَقْدِ وَاخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْمَشْرُوطِ قَالَ صَاحِبُ الْبَذْرِ لِلْآخَرِ: شَرَطْتُ لَكَ الثُّلُثَ، وَقَالَ الْآخَرُ: لَا بَلْ شَرَطْتَ لِي النِّصْفَ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ إنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا وَلَا لِأَحَدِهِمَا فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيُبْدَأُ بِيَمِينِ الْمُزَارَعِ، مِنْ مَشَايِخِنَا- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- مَنْ قَالَ: هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- الْأَوَّلُ، فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- الْآخَرِ يُبْدَأُ بِيَمِينِ رَبِّ الْأَرْضِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْبِدَايَةُ بِيَمِينِ الْمُزَارَعِ عَلَى قَوْلِهِ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فَإِذَا تَحَالَفَا فَسَخَ الْقَاضِي الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا إذَا طَلَبَا أَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْفَسْخَ، فَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ بَعْدَ مَا حَلَفَا إنْ كَانَ الْقَاضِي قَدْ فَسَخَ الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا لَا يَلْتَفِتُ إلَى بَيِّنَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَسَخَ الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَأَيُّهُمَا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ يَعْنِي قَبْلَ التَّحَالُفِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُزَارِعِ، هَذَا إنْ اخْتَلَفَا قَبْلَ الزِّرَاعَةِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الزِّرَاعَةِ إنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ قَامَتْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ قُضِيَ بِبَيِّنَةِ الْمُزَارِعِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ لَا يَتَحَالَفَانِ، هَذَا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ رَبِّ الْأَرْضِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ الْمُزَارِعِ فَالْمُزَارِعُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ رَبِّ الْأَرْضِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ فَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ لَا يَتَحَالَفَانِ، وَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ يَتَحَالَفَانِ وَيُبْدَأُ بِيَمِينِ رَبِّ الْأَرْضِ، قَالُوا مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَالَ صَاحِبُ الْبَذْرِ: أَنَا لَا أَنْقُضُ الْمُزَارَعَةَ.
فَأَمَّا إذَا قَالَ: أَنَا أَنْقُضُ الْمُزَارَعَةَ لَا مَعْنَى لِلتَّحَالُفِ، هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى صَاحِبِ الْبَذْرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَاخْتَلَفَ وَرَثَتُهُمَا فِي شَرْطِ الْأَنْصِبَاءِ فَالْقَوْلُ لِوَرَثَةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَالْبَيِّنَةُ لِلْآخَرِ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي صَاحِبِ الْبَذْرِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُزَارِعِ وَوُرَّاثِهِ وَالْبَيِّنَةُ لِلْآخَرِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْبَذْرِ وَفِي الشَّرْطِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ وَالزَّارِعُ صَاحِبُ الْيَدِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلٌ زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ فَلَمَّا حَصَدَ الزَّرْعَ قَالَ صَاحِبُ الْأَرْضِ: كُنْتَ أَجِيرِي زَرَعْتَهَا بِبَذْرِي، وَقَالَ الْمُزَارِعُ: كُنْتُ أَكَّارًا وَزَرَعْتُ بِبَذْرِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُزَارِعِ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْبَذْرَ كَانَ فِي يَدِهِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلَ ذِي الْيَدِ.
كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلَيْنِ أَرْضًا وَبَذْرًا عَلَى أَنْ يَزْرَعَاهَا سَنَتَهُمَا هَذِهِ فَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ فَلِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ الثُّلُثُ مِنْهُ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ الثُّلُثَانِ وَلِلْآخَرِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ أَجْرُ مِائَةِ دِرْهَمٍ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا اشْتَرَطَا، لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ أَحَدَهُمَا بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ لِلْعَمَلِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَاسْتَأْجَرَ الْآخَرَ بِجُزْءٍ مِنْ الْخَارِجِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْعَقْدَيْنِ جَائِزٌ عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَكَذَا عِنْدَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ زَرْعًا كَثِيرًا فَاخْتَلَفَ الْعَامِلَانِ فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا صَاحِبُ الثُّلُثِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ صَاحِبُ الثُّلُثِ أَخَذَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ الثُّلُثَ بِإِقْرَارِهِ وَأَخَذَ الْآخَرُ الثُّلُثَ بِبَيِّنَتِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ؛ لِأَنَّ مِنْ ضَرُورَةِ اسْتِحْقَاقِهِ ثُلُثَ الْخَارِجِ انْتِفَاءَ الْأَجْرِ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ.
وَلَوْ لَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا صَاحِبُ الْأَجْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ مِائَةُ دِرْهَمٍ لِأَحَدِهِمَا بِإِقْرَارِ رَبِّ الْأَرْضِ لَهُ وَلِلْآخَرِ بِإِثْبَاتِهِ بِالْبَيِّنَةِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى بَيِّنَةِ رَبِّ الْأَرْضِ فِي هَذَا الْوَجْهِ وَلَا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مَعَ بَيِّنَتِهِمَا.
وَلَوْ كَانَ دَفَعَ الْأَرْضَ إلَيْهِمَا عَلَى أَنْ يَزْرَعَاهَا بِبَذْرِهِمَا عَلَى أَنَّ مَا خَرَجَ مِنْهُ فَلِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ نِصْفُهُ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ عَلَيْهِ أَجْرُ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَلِلْآخَرِ ثُلُثُ الزَّرْعِ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ سُدُسُ الزَّرْعِ فَهَذَا جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ آجَرَ الْأَرْضَ مِنْهُمَا نِصْفُهَا مِنْ أَحَدِهِمَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَنِصْفُهَا مِنْ الْآخَرِ بِثُلُثِ مَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ النِّصْفُ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْعَقْدَيْنِ صَحِيحٌ عِنْدَ الِانْفِرَادِ، فَإِنْ زَرَعَاهَا فَلَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِرَبِّ الْأَرْضِ: أَنَا شَرَطْت: لَكَ سُدُسَ الزَّرْعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا زَعَمَ أَنَّهُ شَرَطَ لَهُ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ أُخِذَ بِبَيِّنَةِ رَبِّ الْأَرْضِ.
وَلَوْ أَخْرَجَتْ زَرْعًا كَثِيرًا فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ هُوَ الَّذِي شَرَطَ لَهُ الْأَجْرَ وَادَّعَى صَاحِبُ الْأَرْضِ عَلَى أَحَدِهِمَا الْأَجْرَ وَعَلَى الْآخَرِ سُدُسَ الزَّرْعِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْأَجْرَ مِنْ الَّذِي ادَّعَاهُ عَلَيْهِ لِتَصَادُقِهِمَا عَلَى ذَلِكَ، وَفِي حَقِّ الْآخَرِ رَبُّ الْأَرْضِ يَدَّعِي عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقَ بَعْضِ الْخَارِجِ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَيُقَالُ لِرَبِّ الْأَرْضِ: أَقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى السُّدُسِ الَّذِي ادَّعَيْتَهُ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ أُخِذَ بِبَيِّنَةِ رَبِّ الْأَرْضِ.
وَلَوْ دَفَعَ رَجُلَانِ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا بِبَذْرِهِ وَعَمَلِهِ فَمَا خَرَجَ مِنْهُ فَثُلُثَاهُ لِلْعَامِلِ وَالثُّلُثُ لِأَحَدِ صَاحِبَيْ الْأَرْضِ بِعَيْنِهِ وَلِلْآخَرِ مِائَةُ دِرْهَمٍ أَجْرُ نَصِيبِهِ فَهُوَ جَائِزٌ، فَإِنْ أَخْرَجَتْ زَرْعًا كَثِيرًا فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبَيْ الْأَرْضِ أَنَّهُ صَاحِبُ الثُّلُثِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُزَارِعِ، فَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبَيْ الْأَرْضِ الْبَيِّنَةَ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثُ الْخَارِجِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى بَيِّنَةِ الْمُزَارِعِ مَعَ بَيِّنَتِهِمَا.
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلَيْنِ أَرْضًا وَبَذْرًا عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ ثُلُثَ الْخَارِجِ وَلِلْآخَرِ عِشْرُونَ قَفِيزًا مِنْ الْخَارِجِ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ مَا بَقِيَ فَزَرَعَاهَا فَأَخْرَجَتْ الْأَرْضُ زَرْعًا كَثِيرًا فَالثُّلُثُ لِلَّذِي سُمِّيَ لَهُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَلِلْآخَرِ أَجْرُ مِثْلِهِ أَخْرَجَتْ شَيْئًا أَوْ لَمْ تُخْرِجْ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْمُزَارَعَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الَّذِي شَرَطَ لَهُ الثُّلُثَ صَحِيحٌ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ فَاسِدٌ وَلَكِنْ عَقْدُهُ مَعَ أَحَدِهِمَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْعَقْدِ مَعَ الْآخَرِ بِحَرْفِ الْعَطْفِ وَلَيْسَ بِمَشْرُوطٍ فِيهِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الَّذِي شَرَطَ لَهُ الثُّلُثَ مِنْهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثُ الْخَارِجِ لِأَحَدِهِمَا بِإِقْرَارِ رَبِّ الْأَرْضِ لَهُ بِهِ وَلِلْآخَرِ بِإِثْبَاتِهِ بِالْبَيِّنَةِ، وَلَوْ لَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الْأَرْضِ فِي الَّذِي لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ مِنْهُمَا، فَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ بِبَيِّنَتِهِ يُثْبِتُ شَرْطَ صِحَّةِ الْعَقْدِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ وَالْآخَرُ يَنْفِي ذَلِكَ بِبَيِّنَتِهِ وَالْبَيِّنَةُ الَّتِي تُثْبِتُ شَرْطَ صِحَّةِ الْعَقْدِ تَتَرَجَّحُ.
وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ اثْنَيْنِ عَلَى مِثْلِ هَذَا الشَّرْطِ دَفَعَاهُ إلَى وَاحِدٍ وَالْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ كَانَ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْوُجُوهِ مِثْلَ مَا بَيَّنَّا مِنْ حُكْمِ صَاحِبِ الْأَرْضِ حِينَ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِهِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمَعْنَى، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ فِي زِرَاعَةِ الْأَرَاضِي بِغَيْرِ عَقْدٍ):

رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا مُزَارَعَةً سَنَةً لِيَزْرَعَهَا الْمُزَارِعُ بِبَذْرِهِ فَزَرَعَهَا، ثُمَّ زَرَعَهَا بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهَا فَعَلِمَ صَاحِبُهَا بِذَلِكَ قَبْلَ نَبَاتِ الزَّرْعِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَمْ يُجِزْ، قَالُوا: إنْ كَانَتْ الْعَادَةُ فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ أَنَّهُمْ يَزْرَعُونَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ الْعَقْدِ جَازَ وَكَانَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا فِي الْعَقْدِ فِيمَا مَضَى، وَحُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ إسْمَاعِيلَ الزَّاهِدِ أَنَّهُ قَالَ: ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَقَالَ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَعَلَى الْمُزَارِعِ أَنْ يَرْفَعَ مِنْ الْخَارِجِ مِقْدَارَ أَجْرِ عَمَلِهِ وَثِيرَانِهِ وَبَذْرِهِ وَيَتَصَدَّقَ بِالْبَاقِي كَمَا فِي الْغَصْبِ، قَالَ وَمَشَايِخُنَا- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- كَانُوا يُفْتُونَ بِجَوَابِ الْكِتَابِ إلَّا أَنِّي رَأَيْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّهُ يَجُوزُ وَهُوَ كَمَا لَوْ دَفَعَ أَرْضَهُ إلَى رَجُلٍ وَقَالَ: دَفَعْت إلَيْكَ هَذِهِ الْأَرْضَ عَلَى مَا كَانَتْ مَعَ فُلَانٍ عَامَ أَوَّلٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فَهَذَا أَوْلَى قَالَ مَوْلَانَا: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعِنْدِي إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُعَدَّةً لِدَفْعِهَا مُزَارَعَةً وَنَصِيبُ الْعَامِلِ مِنْ الْخَارِجِ مَعْلُومٌ عِنْدَ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَلَا يَخْتَلِفُ فَزَرَعَهَا رَجُلٌ جَازَ اسْتِحْسَانًا.
وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْأَرْضُ مُعَدَّةً لِدَفْعِهَا مُزَارَعَةً أَوْ لَمْ يَكُنْ نَصِيبُ الْعَامِلِ مِنْ الْخَارِجِ وَاحِدًا عِنْدَ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بَلْ كَانَ مُخْتَلِفًا فِيمَا بَيْنَهُمْ لَا يَجُوزُ، وَيَكُونُ الْمُزَارِعُ غَاصِبًا، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إلَى الْعَادَةِ إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ زَرَعَهَا غَصْبًا، فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ زَرَعَهَا غَصْبًا بِأَنْ أَقَرَّ الزَّارِعُ عِنْدَ الزَّرْعِ أَنَّهُ يَزْرَعُهَا لِنَفْسِهِ لَا عَلَى الْمُزَارَعَةِ أَوْ كَانَ الرَّجُلُ مِمَّنْ لَا يَأْخُذُ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً وَيَأْنَفُ مِنْ ذَلِكَ يَكُونُ غَاصِبًا وَيَكُونُ الْخَارِجُ لَهُ وَعَلَيْهِ نُقْصَانُ الْأَرْضِ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بَعْدَ مَا زَرَعَ وَقَالَ: زَرَعْتهَا غَصْبًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ اسْتِحْقَاقَ شَيْءٍ مِنْ الْخَارِجِ لِغَيْرِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَرَأَيْتُ فِي بَعْضِ الْفَتَاوَى (زمين هاكه درديه هاست يَا وَقَفَ يَا مُلْك وَعَادَتْ آن مَوْضِع آنست كه هر كرا بايدبدين زمينها كشاوزري كندوا زمتولئ أَوَقَافٍ دُسْتُورِيّ نميخوا هدو وأزمالك ني ومتولي ومالكان ايشانرا منع نمي كنندو كارند كَانَ بِوَقْتِ إدْرَاك غله حِصَّة دهقاني بدهند ومنع نمي كنندا كردرجنين زمينها كسى كشاورزي كندبي آنكه از خداونديا ازمتولي بمزارعه كيرد اين كشتن وي بروجه مزارعه باشد اما اكر موضعي باشد كه هراينه بدستور خداوند كار كارندو اكر كسي بيدستور خداوند كار كارد خداوند أَوْ رامنع كنديا خداوند كارخود كارد وكاهي بكديوري دهدجون كسي بيدستور خداوند كارديا بيدستور متولي در وَقَفَ بِرّ مزارعه حمل كنيم ودر مُلْك ني)، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
أَكَّارٌ رَفَعَ لِخَارِجٍ وَبَقِيَ فِي الْأَرْضِ حَبَّاتُ حِنْطَةٍ قَدْ تَنَاثَرَتْ فَنَبَتَ وَأَدْرَكَ فَهُوَ بَيْنَ الْأَكَّارِ وَصَاحِبِ الْأَرْضِ عَلَى مَا كَانَ قَدْرُ نَصِيبِهِمَا مِنْ الْخَارِجِ؛ لِأَنَّهُ نَبَتَ مِنْ بَذْرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا وَيَنْبَغِي لِلْأَكَّارِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ مِنْ نَصِيبِهِ، وَلَوْ كَانَ رَبُّ الْأَرْضِ سَقَاهُ وَقَامَ عَلَيْهِ حَتَّى نَبَتَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا سَقَاهُ فَقَدْ اسْتَهْلَكَهُ، فَإِنْ كَانَ لِتِلْكَ الْحَبَّاتِ قِيمَةٌ كَانَ عَلَيْهِ ضَمَانُهَا وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ سَقَاهُ أَجْنَبِيٌّ تَطَوُّعًا كَانَ النَّابِتُ بَيْنَ الْأَكَّارِ وَصَاحِبِ الْأَرْضِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
نَبَتَتْ شَجَرَةٌ أَوْ زَرْعٌ فِي أَرْضِ إنْسَانٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَزْرَعَهَا أَحَدٌ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ أَرْضِهِ فَيَكُونُ جُزْءًا مِنْ الْأَرْضِ فَيَكُونُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(الْبَابُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ):

وَلَوْ دَفَعَ أَرْضًا وَبَذْرًا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا سَنَتَهُ هَذِهِ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَصَارَ قَصِيلًا فَأَرَادَ أَنْ يَقْصِلَاهُ وَيَبِيعَاهُ فَحَصَادُ الْقَصِيلِ وَبَيْعُهُ عَلَيْهِمَا وَيَسْتَوِي إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ أَوْ الْمُزَارِعِ، وَلَوْ اسْتَحْصَدَ الزَّرْعُ فَمَنَعَهُمْ السُّلْطَانُ مِنْ حَصَادِهِ إمَّا ظُلْمًا أَوْ لِمَصْلَحَةٍ رَأَى فِي ذَلِكَ أَوْ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُمْ الْخَرَاجَ فَالْحِفْظُ عَلَيْهِمَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ مَا يُفْسِدُ الْمُزَارَعَةَ.
وَإِذَا كَانَتْ الْأَرْضُ رَهْنًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَرَادَ آخَرُ أَنْ يَأْخُذَهَا مُزَارَعَةً مِنْ الرَّاهِنِ يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَهَا مُزَارَعَةً مِنْ الرَّاهِنِ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ، وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ وَالْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ ثُمَّ أَرَادَ رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يُخْرِجَ الْأَرْضَ مِنْ يَدِ الْمُزَارِعِ فَقَالَ لِلْمُزَارِعِ: ازْرَعْهَا بِبَذْرِكَ أَوْ اُتْرُكْهَا عَلَيَّ، فَقَالَ الْمُزَارِعُ: أَعْطِنِي أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِي فَقَالَ رَبُّ الْأَرْضِ: بَلَى أَعْطَيْتُكَ فَأَرَادَ رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يَزْرَعَهَا بِنَفْسِهِ فَلَمَّا عَلِمَ الْمُزَارِعُ ذَلِكَ ذَهَبَ وَزَرَعَ الْأَرْضَ ثُمَّ أَدْرَكَ الزَّرْعُ، فَإِنْ كَانَ رَبُّ الْأَرْضِ أَجَازَ صُنْعَهُ ذَلِكَ كَانَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا وَالْمَسْأَلَةُ كَانَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى، وَإِذَا مَاتَ الْآجِرُ فَدَفَعَ الْمُسْتَأْجِرُ بَذْرًا إلَى وَرَثَةِ الْآجِرِ، وَقَالَ: ازْرَعُوا فِي هَذِهِ الْأَرْضِ فَزَرَعُوا فَالْخَارِجُ لِمَنْ يَكُونُ؟ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَانَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى وَاتَّفَقَتْ الْأَجْوِبَةُ أَنَّ الْخَارِجَ يَكُونُ لِوَرَثَةِ الْآجِرِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَدْ انْفَسَخَ بِمَوْتِ الْآجِرِ فَيَكُونُ هَذَا إقْرَاضًا مِنْهُ لِلْبَذْرِ لِوَرَثَةِ الْآجِرِ إذْ لَيْسَ فِي قَوْلِ الْمُسْتَأْجِرِ مَا يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ شَيْءٍ مِنْ الْخَارِجِ لِنَفْسِهِ مِنْ قَوْلِهِ: ازْرَعُوهَا لِي أَوْ لِيَكُونَ الْخَارِجُ بَيْنَنَا، وَلِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَى وَرَثَةِ الْآجِرِ مِثْلُ ذَلِكَ الْبَذْرِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
سُئِلَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- عَمَّنْ دَفَعَتْ ضَيْعَةَ ابْنِهَا الْبَالِغِ مُعَامَلَةً وَكَانَ الِابْنُ يَجِيءُ وَيَذْهَبُ، قَالَ: لَا يَكُونُ رِضًا، سُئِلَ أَيْضًا عَمَّنْ أَعْطَى الْمُسْتَأْجِرَ الْآجِرُ ضَيْعَتَهُ مُعَامَلَةً سَنَةً بِأَلْفِ مَنٍّ مِنْ الْعِنَبِ الْقَلَانِسِيِّ قَالَ: لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
اسْتَأْجَرَ أَرْضًا سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ، ثُمَّ دَفَعَهَا إلَى الْآجِرِ مُزَارَعَةً إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جَانِبِ الْمُسْتَأْجِرِ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ مِنْ جَانِبِ الْآجِرِ لَا يَجُوزُ هَكَذَا ذَكَرَ الْحَاكِمُ أَحْمَدُ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي شُرُوطِهِ فِي مَسَائِلِ الْمُزَارَعَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ فِي نَوَادِرِهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَجَعَلَ هَذَا قَوْلَ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- الْأَوَّلَ، أَمَّا عَلَى قَوْلِهِ الْآخَرِ فَلَا يَجُوزُ دَفْعُ الْأَرْضِ إلَى الْآجِرِ مُزَارَعَةً سَوَاءٌ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ مِنْ قِبَلِ الْمُؤَاجِرِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ: وَلَوْ سَقَى أَرْضَهُ أَوْ كَرْمَهُ بِمَاءٍ حَرَامٍ أَوْ نَجِسٍ يَطِيبُ لَهُ مَا خَرَجَ، كَمَنْ عَلَفَ حِمَارَهُ بِعَلَفِ غَيْرِهِ فَمَا أَخَذَ مِنْ الْكِرَاءِ يَطِيبُ لَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
اسْتَأْجَرَ مِنْ رَجُلٍ أَرْضًا ثُمَّ دَفَعَهَا إلَى امْرَأَةِ الْآجِرِ أَوْ إلَى ابْنِ الْآجِرِ مُزَارَعَةً وَشَرَطَ الْبَذْرَ عَلَى الْمُزَارِعِ وَالِابْنُ فِي عِيَالِ الْأَبِ فَزَرَعَهَا الْأَبُ وَهُوَ الْآجِرُ، فَإِنْ زَرَعَهَا بِطَرِيقِ الْإِعَانَةِ لِلِابْنِ بِأَنْ كَانَ أَقْرَضَ الْبَذْرَ لِلِابْنِ فَالْغَلَّةُ بَيْنَ الِابْنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الشَّرْطِ، وَإِنْ زَرَعَهَا لِنَفْسِهِ بِأَنْ لَمْ يُقْرِضْ الْبَذْرَ لِلِابْنِ فَالْغَلَّةُ كُلُّهَا لِلْآجِرِ وَهُوَ الْمُزَارِعُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ أَرْضًا مِنْ امْرَأَةٍ وَقَبَضَهَا، ثُمَّ دَفَعَهَا إلَى زَوْجِهَا مُزَارَعَةً أَوْ مُعَامَلَةً أَوْ مُقَاطَعَةً كَانَ جَائِزًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا وَكِبَارًا وَامْرَأَةً وَالْأَوْلَادُ الْكِبَارُ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِنْ امْرَأَةٍ أُخْرَى لِهَذَا الْمَيِّتِ فَعَمِلَ الْأَوْلَادُ الْكِبَارُ عَمَلَ الْحِرَاثَةِ فَزَرَعُوا فِي أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ أَوْ فِي أَرْضٍ الْغَيْرِ بِطَرِيقِ (الكديورين) كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ بَيْنَ النَّاسِ، وَهَؤُلَاءِ الْأَوْلَادُ كُلُّهُمْ فِي عِيَالِ الْمَرْأَةِ تَتَعَاهَدُ أَحْوَالَهُمْ وَهُمْ يَزْرَعُونَ وَيَجْمَعُونَ الْغَلَّاتِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ وَيُنْفِقُونَ مِنْ ذَلِكَ جُمْلَةً فَهَذِهِ الْغَلَّاتُ تَكُونُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالْأَوْلَادِ أَوْ تَكُونُ خَاصَّةً لِلْمُزَارِعِينَ، فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ صَارَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى وَاتَّفَقَتْ الْأَجْوِبَةُ أَنَّهُمْ إنْ زَرَعُوا مِنْ بَذْرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمْ بِإِذْنِ الْبَاقِينَ إنْ كَانُوا كِبَارًا أَوْ بِإِذْنِ الْوَصِيِّ إنْ كَانَ الْبَاقُونَ صِغَارًا كَانَتْ الْغَلَّاتُ كُلُّهَا عَلَى الشَّرِكَةِ، وَإِنْ زَرَعُوا مِنْ بَذْرِ أَنْفُسِهِمْ كَانَتْ الْغَلَّاتُ لِلْمُزَارِعِينَ، وَإِنْ زَرَعُوا مِنْ بَذْرٍ مُشْتَرَكٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَصِيِّ فَالْغَلَّاتُ لِلْمُزَارِعِينَ؛ لِأَنَّهُمْ صَارُوا غَصَبَة، وَمَنْ غَصَبَ بَذْرًا وَزَرَعَ كَانَتْ الْغَلَّةُ لَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا مُزَارَعَةً وَفِيهَا قَوَائِمُ الْقُطْنِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: إنْ كَانَ لَا يَمْنَعُهُ قَوَائِمُ الْقُطْنِ عَنْ الزِّرَاعَةِ فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ، وَإِنْ كَانَ يَمْنَعُ فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ إلَّا إذَا أَضَافَ إلَى وَقْتِ فَرَاغِ الْأَرْضِ فَحِينَئِذٍ تَجُوزُ، وَإِنْ سَكَتَ عَنْ ذَلِكَ لَا تَجُوزُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
دَفَعَ أَرْضًا إلَى رَجُلٍ مُزَارَعَةً بِشَرَائِطِهَا فَزَرَعَ الرَّجُلُ الْأَرْضَ وَأَدْرَكَتْ الْغَلَّةُ فَجَاءَ رَجُلٌ إلَى الْمُزَارِعِ وَقَالَ: إنِّي اشْتَرَيْتُ هَذِهِ الْأَرْضَ مِنْ فُلَانٍ غَيْرِ الَّذِي دَفَعَ إلَيْكَ الْأَرْضَ وَكَانَتْ الْأَرْضُ مِلْكَهُ فَنِصْفُ الْغَلَّةِ لِي فَأَخَذَ مِنْهُ نِصْفَ الْغَلَّةِ ثُمَّ جَاءَ الدَّافِعُ، فَإِنْ صَدَقَ الْمُدَّعِي فِيمَا قَالَ وَلَمْ يُخَاصِمْ الْمُزَارِعَ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ وَخَاصَمَ الْمُزَارِعَ، فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ الْمُدَّعِي أَخَذَ نِصْفَ الْغَلَّةِ تَغَلُّبًا فَلِلدَّافِعِ أَنْ يُشَارِكَ الْمُزَارِعَ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ مَا هَلَكَ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ يَهْلَكُ عَلَى الشَّرِكَةِ وَمَا بَقِيَ يَبْقَى عَلَى الشَّرِكَةِ ثُمَّ يَرْجِعَانِ عَلَى الْمُدَّعِي بِمَا أَخَذَ إنْ وَجَدَاهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُزَارِعُ دَفَعَ النِّصْفَ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَغَلُّبٍ مِنْهُ عَنْ اخْتِيَارِهِ كَانَ لِلدَّافِعِ أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ الْبَاقِيَ مِنْ الْمُزَارِعِ وَيَجْعَلُ الْمُزَارِعَ دَافِعًا نَصِيبَهُ إلَى الْمُدَّعِي، وَالْمَسْأَلَةُ كَانَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى وَاتَّفَقَتْ الْأَجْوِبَةُ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا، وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي حِينَمَا أَخَذَ نِصْفَ الْغَلَّةِ قَالَ لِلْمُزَارِعِ: خُذْ هَذِهِ الْأَرْضَ مِنِّي مُزَارَعَةً فَأَخَذَ هَلْ تَصِحُّ هَذِهِ الْمُزَارَعَةُ وَهَلْ تَنْفَسِخُ الْمُزَارَعَةُ؟.
الْأَوْلَى إنْ لَمْ يَكُنْ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ لَا يَصِحُّ هَذَا وَلَا يَنْفَسِخُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ حَتَّى يَكُونَ لَهُ وِلَايَةُ الْفَسْخِ مَعَ هَذَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْفَسِخَ هُنَا بِخِلَافِ مَا إذَا فَسَخَ ابْتِدَاءً، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ كَرْمَهُ إلَى رَجُلٍ مُعَامَلَةً فَلَمْ يَعْمَلْ الرَّجُلُ فِي الْكَرْمِ عَمَلًا لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ ثِمَارِ الْكَرْمِ، وَكَذَا إذَا عَمِلَ عَمَلًا إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْ الْأَشْجَارَ وَالثِّمَارَ حَتَّى ضَاعَتْ الثِّمَارُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْحِفْظَ مِنْ جُمْلَةِ الْعَمَلِ أَيْضًا فِي حَقِّ الْعَامِلِ، فَأَمَّا الْمُزَارِعُ إذَا لَمْ يَعْمَلْ فِي الزِّرَاعَةِ نَحْوَ التَّشْذِيبِ أَوْ السَّقْيِ حَتَّى انْتَقَصَ الزَّرْعُ هَلْ يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْخَارِجِ؟.
فَقِيلَ: الْجَوَابُ فِيهِ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَتِهِ يَسْتَحِقُّ بِخِلَافِ الْعَامِلِ إذَا لَمْ يَعْمَلْ فِي الْكَرْمِ اُجْتُنِيَتْ الثَّمَرَةُ أَوْ فَسَدَتْ حَيْثُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، فَأَمَّا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ رَبِّ الْأَرْضِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْتَحِقَّ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْخَارِجَ لَيْسَ نَمَاءَ مِلْكِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
دَفَعَ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً سَنَةً فَحَصَدَ الزَّرْعَ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ انْتَقَضَتْ الْمُزَارَعَةُ إذَا كَانَتْ بَقِيَّةُ السَّنَةِ لَا تَكْفِي لِزِرَاعَةِ شَيْءٍ آخَرَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا لِيَغْرِسَهَا النَّوَاةَ عَلَى أَنْ يُحَوِّلَ مِنْ مَوْضِعِهِ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يُعَيِّنَ مَوْضِعَ التَّحْوِيلِ بِأَنْ يَقُولَ عَلَى أَنْ يُحَوِّلَ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ الْأُخْرَى أَوْ قَالَ أَنْ يُحَوِّلَ فِي هَذَا الْجَانِبِ الْآخَرِ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ فَسَدَ الْعَقْدُ سَوَاءٌ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ أَوْ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ مَوْضِعَ التَّحْوِيلِ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ الْعَقْدُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ، وَعَلَى هَذَا كُلُّ مَا يُحَوَّلُ، وَفِي بَعْضِ الْفَتَاوَى نَحْوُ شَجَرَةِ الْبَاذِنْجَانِ وَغَيْرِهَا، دَفَعَ رَجُلٌ إلَى آخَرَ أَرْضًا خَرَابًا لِيَعْمُرَهَا الْمُزَارِعُ وَيَزْرَعَهَا الْعَامِلُ مَعَ صَاحِبِ الْأَرْضِ بِبَذْرِهِمَا ثَلَاثَ سِنِينَ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةً؛ لِأَنَّ شَرْطَ عِمَارَةِ الْأَرْضِ عَلَى الْعَامِلِ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ، فَإِنْ زَرَعَهَا صَاحِبُ الْأَرْضِ وَالْعَامِلُ بِبَذْرِهِمَا سَنَةً فَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَأْخُذَ الْأَرْضَ، وَيَكُونُ الزَّرْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ بَذْرِهِمَا، وَلِلْعَامِلِ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ فِيمَا عَمِلَ مِنْ عِمَارَةِ الْأَرْضِ أَجْرُ عَمَلِهِ وَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ عَلَى الْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ الَّذِي اشْتَغَلَ بِبَذْرِ الْمُزَارِعِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَسُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَمَّنْ زَرَعَ أَرْضًا عَلَى شَطِّ جَيْحُونَ وَبَلَغَ الزَّرْعُ فَجَاءَ قَوْمٌ وَزَعَمُوا أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ قَالَ: أَمَّا الزَّرْعُ فَلِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَأَمَّا رَقَبَةُ الْأَرْضِ الْمُزَارَعَةِ فَإِنْ أَثْبَتَ الْقَوْمُ كَانَ لَهُمْ وَإِلَّا فَلِمَنْ أَحْيَاهَا، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.
مُسَنَّاةٌ بَيْنَ أَرْضَيْنِ إحْدَاهُمَا أَرْفَعُ مِنْ الْأُخْرَى، وَعَلَى الْمُسَنَّاةِ أَشْجَارٌ لَا يُعْرَفُ غَارِسُهَا، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ كَانَ الْمَاءُ يَسْتَقِرُّ فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى بِدُونِ الْمُسَنَّاةِ وَلَا يَحْتَاجُ فِي إمْسَاكِ الْمَاءِ إلَى الْمُسَنَّاةِ كَانَ الْقَوْلُ فِي الْمُسَنَّاةِ قَوْلَ صَاحِبِ الْأَرْضِ الْعُلْيَا مَعَ يَمِينِهِ، وَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ فِي الْمُسَنَّاةِ قَوْلَهُ كَانَتْ الْأَشْجَارُ لَهُ مَا لَمْ يُقِمْ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ السُّفْلَى تَحْتَاجُ فِي إمْسَاكِ الْمَاءِ إلَى الْمُسَنَّاةِ كَانَتْ الْمُسَنَّاةُ وَمَا عَلَيْهَا مِنْ الْأَشْجَارِ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَا يُصَدَّقُ أَحَدُهُمَا أَنَّ ذَلِكَ لَهُ خَاصَّةً إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ الْيَمِينُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ أَخَذَا أَرْضًا مُزَارَعَةً عَلَى أَنْ يَزْرَعَاهَا بِبَذْرِ صَاحِبِ الْأَرْضِ عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا الثُّلُثُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الرَّجُلَيْنِ الثُّلُثُ، وَبَذَرَا فَلَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنْ الزَّرْعِ لِآفَةٍ أَصَابَتْهُ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: لَا نَعْمَلُ فِيهِ الْخَرِيفِيَّ فَعَمِلَ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ عِلْمِ صَاحِبِهِ وَحَصَلَ الرَّيْعُ هَلْ لِصَاحِبِهِ فِي الرَّيْعِ الْخَرِيفِيِّ شَيْءٌ لِأَجْلِ عَمَلِهِ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ فِيمَا مَضَى فَقَالَ: لَا لَكِنْ لَوْ طَلَبَ رِضَاهُ بِشَيْءٍ كَانَ ذَلِكَ أَفْضَلَ، وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الْعَمَلَ لَا يُتَقَوَّمُ إلَّا بِالْعَقْدِ فَلَا يَسْتَحِقُّ بِمُجَرَّدِ الْعَمَلِ بِدُونِ الْعَقْدِ، لَكِنَّ مُحَمَّدًا- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ فِي مِثْلِ هَذَا أَنَّهُ يَطْلُبُ رِضَا الْعَامِلِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
سُئِلَ عَنْ مَحْدُودٍ عُقِدَ عَلَيْهِ بَيْعُ الْوَفَاءِ فَوَقَعَ التَّقَابُضُ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي الْبَدَلَيْنِ وَزَرَعَ فِيهِ الْمُشْتَرِي سِنِينَ وَأَخَذَ الْغَلَّةَ فَخَرَاجُهُ عَلَى مَنْ؟ فَقَالَ: عَلَى الْبَائِعِ إنْ نَقَصَ الْأَرْضَ بِالزِّرَاعَةِ، قِيلَ: فَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ الْبَائِعُ بِضَمَانِ النُّقْصَانِ هَلْ يَلْزَمُهُ الْخَرَاجُ أَيْضًا؟ فَقَالَ: نَعَمْ (خرمن كوفتن) بِنِصْفِ التِّبْنِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى قَفِيزِ الطَّحَّانِ وَذَكَرَ فِي مَسْأَلَةِ نَسْجِ الثَّوْبِ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ أَنَّ مَشَايِخَ بَلْخٍ- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- أَخَذُوا بِالْجَوَازِ لِتَعَامُلِ النَّاسِ، وَمَشَايِخَ بُخَارَى- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- أَخَذُوا بِجَوَابِ الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى قَفِيزِ الطَّحَّانِ، وَعَلَى هَذَا (بنبه جيدن وارزن كوفتن وكندم درويدن)، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَإِذَا دَفَعَ الْمُرْتَدُّ أَرْضَهُ وَبَذْرَهُ إلَى رَجُلٍ مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ فَعَمِلَ عَلَى ذَلِكَ وَخَرَجَ الزَّرْعُ، فَإِنْ أَسْلَمَ فَهُوَ عَلَى مَا اشْتَرَطَا، وَإِنْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ فَالْخَارِجُ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ ضَمَانُ الْبَذْرِ، وَنُقْصَانُ الْأَرْضِ لِلدَّافِعِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- عَلَى قَوْلِ مَنْ أَجَازَ الْمُزَارَعَةَ أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ شَيْئًا أَوْ لَمْ تُخْرِجْهُ، وَعَلَى قَوْلِهِمَا هَذِهِ الْمُزَارَعَةُ صَحِيحَةٌ وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ عَلَى الْعَامِلِ وَقُتِلَ الْمُرْتَدُّ عَلَى رِدَّتِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ نُقْصَانٌ غَرِمَ الْعَامِلُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ وَالزَّرْعُ كُلُّهُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ نُقْصَانٌ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ لَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَكُونُ الْخَارِجُ عَلَى الشَّرْطِ بَيْنَ الْعَامِلِ وَوَرَثَةِ الْمُرْتَدِّ.
وَهَذَا الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَالْمُزَارَعَةُ صَحِيحَةٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُرْتَدُّ هُوَ الْمُزَارِعُ وَالْبَذْرُ مِنْهُ فَالْخَارِجُ لَهُ وَلَا شَيْءَ لِرَبِّ الْأَرْضِ إذَا قُتِلَ الْمُرْتَدُّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الدَّافِعِ فَالْخَارِجُ عَلَى الشَّرْطِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَلَوْ كَانَا جَمِيعًا مُرْتَدِّينَ وَالْبَذْرُ مِنْ الدَّافِعِ فَالْخَارِجُ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ غُرْمُ الْبَذْرِ وَنُقْصَانُ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ صَارَ كَالْغَاصِبِ لِلْأَرْضِ وَالْبَذْرِ حِينَ لَمْ يَصِحَّ أَمْرُ الدَّافِعِ إيَّاهُ بِالزِّرَاعَةِ، وَلَوْ أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ صَاحِبُ الْبَذْرِ كَانَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ كَمَا لَوْ كَانَ مُسْلِمًا عِنْدَ الْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ وَقَدْ قُتِلَ عَلَى الرِّدَّةِ كَانَ الْخَارِجُ لَهُ وَعَلَيْهِ نُقْصَانُ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ إذْنَ الدَّافِعِ فِي عَمَلِ الزِّرَاعَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي حَقِّ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا نُقْصَانٌ فَلَا شَيْءَ لِوَرَثَةِ رَبِّ الْأَرْضِ، وَكَذَلِكَ إذَا أَسْلَمَ رَبُّ الْأَرْضِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَ مُسْلِمًا فِي الِابْتِدَاءِ، وَإِنْ أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ الْمُزَارِعُ وَقُتِلَ الْآخَرُ عَلَى الرِّدَّةِ ضَمِنَ الْمُزَارِعُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ لِوَرَثَةِ الْمَقْتُولِ عَلَى الرِّدَّةِ؛ لِأَنَّ أَمْرَهُ إيَّاهُ بِالزِّرَاعَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي حَقِّ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُصْهَا شَيْئًا فَالْقِيَاسُ فِيهِ أَنَّ الْخَارِجَ لِلْمُزَارِعِ وَلَا شَيْءَ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَلَا لِوَرَثَتِهِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ إنْ قُتِلَا أَوْ أَسْلَمَا أَوْ لَحِقَا بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ مَاتَا، وَكَذَلِكَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي مُزَارَعَةِ الْمُرْتَدَّةِ وَمُعَامَلَتِهَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَيَجُوزُ عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَكَذَا بَيْنَ الْحَرْبِيَّيْنِ أَوْ الْمُسْلِمَيْنِ فِي دَارِ الْحَرْبِ سَوَاءٌ دَخَلَا بِأَمَانٍ أَوْ أَسْلَمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَوْ ظَهَرَ عَلَى الدَّارِ فَأَرَاضِيهِمْ فَيْءٌ، وَأَمَّا الْخَارِجُ فَمَا كَانَ مِنْ حِصَّةِ الْحَرْبِيِّ يَكُونُ فَيْئًا وَمَا كَانَ لِلْمُسْلِمِ لَا يَكُونُ فَيْئًا، وَلَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ أَرَاضِيَهُمْ عَلَيْهِمْ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ أَوْ أَسْلَمُوا فَالْمُعَامَلَاتُ بَيْنَهُمْ مُقَرَّرَةٌ عَلَى حَالِهَا إلَّا مُعَامَلَةً تَفْسُدُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.
وَلَوْ شَرَطَ مُسْلِمٌ لِلْعَرَبِيِّ عَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ مِنْ الْخَارِجِ صَحَّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى-، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا تَجُوزُ الْعُقُودُ الْفَاسِدَةُ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ خِلَافًا لَهُ، وَلَوْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ فِي دَارِ الْحَرْبِ صَحَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- خِلَافًا لَهُمَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
إذَا دَفَعَ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً فَاسِدَةً فَكَرَبَ الزَّارِعِ وَحَفَرَ الْأَنْهَارَ، ثُمَّ امْتَنَعَ صَاحِبُ الْبَذْرِ عَنْ الزِّرَاعَةِ فَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِ الْمُزَارِعِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
ذَكَرَ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ أَكَّارٌ طَلَبَ مِنْ الدِّهْقَانِ أَنْ يُعْطِيَهُ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً بِالرُّبُعِ لِلدِّهْقَانِ فَقَالَ الدِّهْقَانُ: إنْ زَرَعْتُهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الثُّلُثُ لِي فَافْعَلْ وَإِلَّا فَلَا، فَلَمَّا زَرَعَ وَحَصَدَ اخْتَلَفَا، ذَكَرَ أَنَّ الثُّلُثَ لِلدِّهْقَانِ وَالْبَاقِي لِلْعَامِلِ، وَفِيهِ أَيْضًا زَرْعٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ غَابَ أَحَدُهُمَا فَحَصَدَهُ الْآخَرُ كَانَ مُتَبَرِّعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(كِتَاب الْمُعَامَلَةِ):

وَفِيهِ بَابَانِ:

.(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهَا وَشَرَائِطِهَا وَأَحْكَامِهَا)

أَمَّا تَفْسِيرُهَا فَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْعَقْدِ عَلَى الْعَمَلِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ مَعَ سَائِرِ شَرَائِطِ جَوَازِهَا.
وَأَمَّا شَرَائِطُهَا (فَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْعَاقِدَانِ عَاقِلَيْنِ فَلَا يَجُوزُ عَقْدُ مَنْ لَا يَعْقِلُ، وَأَمَّا الْبُلُوغُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ وَكَذَا الْحُرِّيَّةُ.
(وَمِنْهَا) أَنْ لَا يَكُونَا مُرْتَدَّيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مَنْ أَجَازَ الْمُعَامَلَةَ حَتَّى لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُرْتَدًّا وَوَقَعَتْ الْمُعَامَلَةُ إنْ كَانَ الْمُرْتَدُّ هُوَ الدَّافِعَ، فَإِنْ أَسْلَمَ فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ، وَإِنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِلدَّافِعِ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ وَلِلْآخَرِ أَجْرُ الْمِثْلِ إذَا عَمِلَ، وَعِنْدَهُمَا الْخَارِجُ بَيْنَ الْعَامِلِ الْمُسْلِمِ وَبَيْنَ وَرَثَةِ الْمُرْتَدِّ الدَّافِعِ عَلَى الشَّرْطِ فِي الْحَالَتَيْنِ كَمَا إذَا مَاتَا مُسْلِمَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرْتَدُّ هُوَ الْعَامِلَ، فَإِنْ أَسْلَمَ فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ بِالْإِجْمَاعِ، هَذَا إذَا كَانَتْ الْمُعَامَلَةُ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَمُرْتَدٍّ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ بَيْنَ مُسْلِمَيْنِ ثُمَّ ارْتَدَّا أَوْ ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا فَالْخَارِجُ عَلَى الشَّرْطِ، وَتَجُوزُ مُعَامَلَةُ الْمُرْتَدَّةِ قَوْلًا وَاحِدًا بِالْإِجْمَاعِ.
(وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْمَدْفُوعُ مِنْ الشَّجَرِ الَّذِي فِيهِ ثَمَرٌ مُعَامَلَةً مِمَّا تَزِيدُ ثَمَرَتُهُ بِالْعَمَلِ، فَإِنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ نَخْلًا فِيهِ طَلْعٌ أَوْ بُسْرٌ قَدْ احْمَرَّ أَوْ اخْضَرَّ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَتَنَاهَ عِظَمُهُ جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ تَنَاهَى عِظَمُهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُرْطِبْ فَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ، وَيَكُونُ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ النَّخِيلِ.
(وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ لَهُمَا فَلَوْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ لِأَحَدِهِمَا فَسَدَ.
(وَمِنْهَا) أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ بَعْضِ الْخَارِجِ مُشَاعَةً مَعْلُومَةَ الْقَدْرِ.
(وَمِنْهَا) التَّسْلِيمُ إلَى الْعَامِلِ وَهُوَ التَّخْلِيَةُ حَتَّى لَوْ شَرَطَ الْعَمَلَ عَلَيْهِمَا فَسَدَ فَأَمَّا بَيَانُ الْمُدَّةِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِجَوَازِ الْمُعَامَلَةِ اسْتِحْسَانًا، وَيَقَعُ عَلَى أَوَّلِ ثَمَرَةٍ تَخْرُجُ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ لِتَعَامُلِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الْمُدَّةِ، وَلَوْ دَفَعَ أَرْضًا لِيَزْرَعَ فِيهَا الرَّطَابَ أَوْ دَفَعَ أَرْضًا فِيهَا أُصُولٌ رَطْبَةٌ بَاقِيَةٌ، وَلَمْ يُسَمِّ الْمُدَّةَ، فَإِنْ كَانَ شَيْئًا لَيْسَ لِابْتِدَاءِ نَبَاتِهِ وَلَا لِانْتِهَاءِ جَذِّهِ وَقْتٌ مَعْلُومٌ فَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ، فَإِنْ كَانَ وَقْتُ جَذِّهِ مَعْلُومًا يَجُوزُ وَيَقَعُ عَلَى الْجَذَّةِ الْأُولَى كَمَا فِي الشَّجَرِ الْمُثْمِرِ.
وَأَمَّا الشَّرَائِطُ الْمُفْسِدَةُ فَأَنْوَاعٌ: (مِنْهَا) كَوْنُ الْخَارِجِ كُلِّهِ لِأَحَدِهِمَا.
(وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا قُفْزَانٌ مُسَمَّاةٌ.
(وَمِنْهَا) شَرْطُ الْعَمَلِ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ.
(وَمِنْهَا) شَرْطُ الْحَمْلِ وَالْحِفْظِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ.
(وَمِنْهَا) شَرْطُ الْجِذَاذِ وَالْقِطَافِ عَلَى الْعَامِلِ بِلَا خِلَافٍ.
(وَمِنْهَا) شَرْطُ عَمَلٍ تَبْقَى مَنْفَعَتُهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُعَامَلَةِ نَحْوَ السَّرْقَنَةِ وَنَصْبِ الْعَرِيشِ وَغَرْسِ الْأَشْجَارِ وَتَقْلِيبِ الْأَرْضِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا هُوَ مِنْ ضَرُورَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَمَقَاصِدِهِ.
(وَمِنْهَا) شَرِكَةُ الْعَامِلِ فِيمَا يَعْمَلُ حَتَّى أَنَّ النَّخْلَ لَوْ كَانَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَدَفَعَهُ أَحَدُهُمَا إلَى صَاحِبِهِ مُعَامَلَةً مُدَّةً مَعْلُومَةً عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لَهُ وَثُلُثُهُ لِلشَّرِيكِ السَّاكِتِ فَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ وَلَا أَجْرَ لِلْعَامِلِ عَلَى شَرِيكِهِ، وَلَوْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ لَهُمَا عَلَى قَدْرِ مِلْكِهِمَا جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ، وَلَوْ أَمَرَ الشَّرِيكُ السَّاكِتُ الشَّرِيكَ الْعَامِلَ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا يُلَقِّحُ بِهِ النَّخْلَ فَاشْتَرَاهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِنِصْفِ ثَمَنِهِ وَجَازَتْ الْمُعَامَلَةُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَامِلُ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ، حَتَّى لَوْ دَفَعَ نَخْلَهُ إلَى رَجُلَيْنِ مُعَامَلَةً بِالثُّلُثِ جَازَ وَسَوَاءٌ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ جَعَلَ لِأَحَدِهِمَا فَضْلًا.
وَأَمَّا حُكْمُ الْمُعَامَلَةِ الصَّحِيحَةِ فَأَنْوَاعٌ: (مِنْهَا) أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ عَمَلِ الْمُعَامَلَةِ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الشَّجَرُ وَالْكَرْمُ وَالرِّطَابُ وَأُصُولُ الْبَاذِنْجَانِ مِنْ السَّقْيِ وَإِصْلَاحِ النَّهْرِ وَالْحِفْظِ وَتَلْقِيحِ النَّخِيلِ فَعَلَى الْعَامِلِ، وَكُلُّ مَا كَانَ مِنْ بَابِ النَّفَقَةِ عَلَى الشَّجَرِ وَالْكَرْمِ وَالْأَرْضِ مِنْ السِّرْقِينِ وَتَقْلِيبِ الْأَرْضِ الَّتِي فِيهَا الْكَرْمُ وَالشَّجَرُ وَالرِّطَابُ وَنَصْبِ الْعَرِيشِ وَنَحْوِ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمَا، وَكَذَلِكَ الْجِذَاذُ وَالْقِطَافُ.
(وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ.
(وَمِنْهَا) أَنَّهُ إذَا لَمْ يُخْرِجْ الشَّجَرُ شَيْئًا لَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا.
(وَمِنْهَا) أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ لَازِمٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ حَتَّى لَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا الِامْتِنَاعَ وَالْفَسْخَ مِنْ غَيْرِ رِضَا صَاحِبِهِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ.
(وَمِنْهَا) وِلَايَةُ الْجَبْرِ عَلَى الْعَمَلِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ (وَمِنْهَا) جَوَازُ الزِّيَادَةِ عَلَى الشَّرْطِ وَالْحَطِّ عَنْهُ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ احْتَمَلَ إنْشَاءَ الْعَقْدِ احْتَمَلَ الزِّيَادَةَ وَإِلَّا فَلَا، وَالْحَطُّ جَائِزٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَإِذَا دَفَعَ نَخْلًا بِالنِّصْفِ مُعَامَلَةً فَخَرَجَ الثَّمَرُ، فَإِنْ لَمْ يَتَنَاهَ عِظَمُهُ جَازَتْ الزِّيَادَةُ مِنْهُمَا أَيُّهُمَا كَانَ، وَلَوْ تَنَاهَى عِظَمُ الْبُسْرِ جَازَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ الْعَامِلِ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ لِلْعَامِلِ شَيْئًا وَمِنْهَا أَنَّ الْعَامِلَ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى غَيْرِهِ مُعَامَلَةً إلَّا إذَا قَالَ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ اعْمَلْ بِرَأْيِكَ.
(وَأَمَّا حُكْمُ الْمُعَامَلَةِ الْفَاسِدَةِ فَأَنْوَاعٌ): مِنْهَا أَنْ لَا يُجْبَرَ الْعَامِلُ عَلَى الْعَمَلِ.
(وَمِنْهَا) أَنَّ الْخَارِجَ كُلَّهُ لِصَاحِبِ الْمِلْكِ وَلَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ مِنْهُ.
(وَمِنْهَا) أَنَّ وُجُوبَ أَجْرِ الْمِثْلِ لَا يَجِبُ عَلَى الْخَارِجِ بَلْ يَجِبُ، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ الشَّجَرُ شَيْئًا.
(وَمِنْهَا) أَنَّ أَجْرَ الْمِثْلِ فِيهَا يَجِبُ مُقَدَّرًا بِالْمُسَمَّى لَا يَتَجَاوَزُ عَنْهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَجِبُ تَمَامًا، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إذَا كَانَ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُسَمَّاةً فِي الْعَقْدِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُسَمَّاةً فِي الْعَقْدِ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ تَمَامًا بِلَا خِلَافٍ.
(وَأَمَّا) (الْمَعَانِي الَّتِي هِيَ عُذْرٌ فِي فَسْخِهَا): فَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ سَارِقًا مَعْرُوفًا بِالسَّرِقَةِ فَيُخَافُ عَلَى الثَّمَرَةِ.
وَأَمَّا الَّتِي تَنْفَسِخُ بِهَا الْمُعَامَلَةُ فَالْإِقَالَةُ وَانْقِضَاءُ الْمُدَّةِ وَمَوْتُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَتُفْسَخُ بِمَرَضِ الْعَامِلِ إذَا كَانَ بِضَعْفِهِ عَنْ الْعَمَلِ، وَلَوْ أَرَادَ الْعَامِلُ تَرْكَ الْعَمَلِ لَا يُمَكَّنُ مِنْهُ فِي الصَّحِيحِ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.